الأحد، أغسطس 12، 2012

الفُرص الثلاث ...


























،،

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ، فنحن في شهر عظيم في شهر مبارك
استوقفتني فيه ثلاث جمل صحّت عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هي :

قوله ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) [ البخاري ومسلم ]
وقوله ( ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) [ البخاري ومسلم ]
وقوله ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) [ البخاري ]

إنها ثلاث فرص عظيمة كل واحدة منها تكون سبباً لتكفير الذنوب ، وقد وقفت حيالها مُتأملاً ومُتألماً !
كم من الناس يخرج رمضان ولم يفز بفرصة واحدة والعياذ بالله ؟!
والأدهى الأمر أن بعضهم يصوم ويقوم وربما أدرك ليلة القدر !
ومع ذلك فقد لا يُغفر له والعياذ بالله ؛ لأنه يصوم لكن لا يصوم إيمانا واحتسابا ، بل عادة وجريا على سُنن الناس !
أو إيماناً لكنه ضجر يتسخط ما يجده فيه لأدنى سبب ! وتأمل أحوال بعضهم في الطُرقات آخر اليوم تألم !

كذلك قد يقوم الليل لكن لا يقومه إيماناً واحتسابا ، بل موافقة للناس ، وإنْ قام إيماناً فربما أفسد الاحتساب بتذمّره
من تطويل الإمام في السجود مثلاً ، وتسخطه حرّ المسجد وضعف المُكيفات !
أو بتعامل مع أهله في البيت: استعجلوا وراءنا صلاة فعل الله بكم وترك !

وقد يحيون ليلة القدر ويوافقونها ولكنهم لا يقومونها إيمانا واحتساباً ..
وفي المُقابل هناك من ستمر عليه ليلة القدر وهو نقي الثوب طاهر الأردان ، قد غفرت ذنوبه ، بسبب صيامه إيماناً واحتساباً ، أو بسبب قيامه ، ولن يضيع الله أجره في ليلة القدر ، بل يُباعد الله بينه وبين عذابه ، ويرفع درجته ، ويزيد من كرامته ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أن للجنة ثمانية أبواب ) [ البخاري ]
وكل باب يدعى إليه نوع من الناس ، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الريان ، فقال أبو بكر رضي الله عنه: ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة !
وقال: هل يدعى منها كلها أحدٌ يا رسول الله ؟ قال ( نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر ) [ البخاري ]
وبهذه المناسبة فإنّا لنرجو هذه الأيام أن يدعى إخوان لنا في الشام والأرض المقدسة وغيرها جاهدوا بأموالهم وأنفسهم ، صاموا وصلّوا وزكوا من سائر تلك الأبواب ..

والمقصود كذلك الشأن مع فرص رمضان ! هُناك من ستُغفر له ذنوبه ؛ لأنه صام إيمانا واحتسابا ، وتُغفر له ذنوبه ؛ لأنه قام إيمانا واحتسابا ، وتُغفر له ذنوبه لأنه وافق ليلة القدر ، وبعد ذلك هؤلاء مراتب في البُعد عن النيران والرقي في درجات الجنان ، أسأل الله أن نكون وإياكم من خير الفائزين ..
والمُهم إن فاتتنا فرصة ـ معاشر الأحبة - أن نستدرك غيرها ، فو الله إنّ الخُسران كُل الخُسران أن تفوتنا هذه الفُرص جميعها ، هذا والله هو الحرمان ، وفي الحديث ( رغم أنف من أدركه رمضان ولم يغفر له ) [ صحيح الترمذي ]
لو قيل لنا إنّ إنسانا تقدم لوظيفة ميسرة ثلاث مرات ثم فشل لإهماله ، أو لعدم جديته وتحمله أدنى العمل ، فدخل المرة الأولى وفشل ، ودخل المرة الثانية وفشل ، ودخل المرة الثالثة وفشل ، فماذا يُرجى منه ؟! فاحذر أن يُبعدك الله !
إنه الخُذلان فاستعذ يا عبد الله منه فقد رأيت أناساً في العشر الأواخر من رمضان ليس بينهم وبين الحرم إلاّ بضعة أمتار ، يسمعون قراءة الإمام ويرتكبون عدّة معاص في وقت واحد ! جالسون قُرب الحرم ، يلعبون " البلوت "
ويدخّنون ويشربون الشيشة ، ويتكلّمون باللغو والرفث ، وأمامهم جهاز من أجهزة اللهو المُحرّمة ، ومع ذلك لا يصلون مع المُسلمين ، فأيّ حرمان أعظم من هذا الحرمان ؟
مع الأسف ثمّة قومٌ لا يزيدهم رمضان إلاّ بُعداً عن الله - جلّ وعلا ـ وقد تلقّيتُ قديماً إحصائية من أحد مراكز الهيئات ، فوجئت بما فيها مما يتعلّق بمُعاكسات الشباب للنساء وتزايدها في رمضان والعياذ بالله !
فاتقِ الله يا عبد الله ولا يكُن شهر الرحمة حُجّة عليك ، واغتنم الفرصة ، وإعلم أنها أكثر من تلك الثلاث ففتش عنها !
وإن فاتتك بعضها فقد بقي بعضها والأعمال بالخواتيم ، أسأل الله أن يختم لنا ولكم بخير والحمد لله رب العالمين .



                                                                                      الشيخ أ.د. ناصر بن سليمان العمر 



،،


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق