الأربعاء، يوليو 13، 2011

الحيـاة انعكـاس لنـا




يحكى أن أحد الحكماء خرج مع ابنه خارج المدينة ليعرفه على
تضاريس الحياة في جوٍ نقي ، بعيداً عن صخب المدينة وهمومها ..
سلك الاثنان وادياً عميقاً تحيط به جبال شاهقة ، وأثناء سيرهما تعثّر الابن
في مشيته فسقط على ركبته ، صرخ الطفل على إثرها بصوتٍ مرتفع تعبيراً عن ألمه : آآآآهـ
فإذا به يسمع من أقصى الوادي من يشاطره الألم بصوتٍ مماثل : آآآآهـ
نسي الطفل الألم وسارع في دهشةٍ سائلاً مصدر الصوت : ومن أنت ؟؟
فإذا الجواب يرد عليه سؤاله : ومن أنت ؟؟
انزعج الطفل من هذا التحدي بالسؤال فرد عليه مؤكداً : بل أنا أسألك من أنت ؟
ومرة أخرى لا يكون الرد إلاّ بنفس الجفاء والحدّة : بل أنا أسألك من أنت ؟
فقد الابن الطفل صوابه بعد أن استثارته المجابهة في الخطاب
فصاح غاضباً " أنت جبان " وبنفس القوة يجيء الرد " أنت جبان "
أدرك الصغير عندها أنه بحاجة لأن يتعلّم فصلاً جديداً في الحياة
من أبيه الحكيم الذي وقف بجانبه دون أن يتدخل في المشهد الذي كان من إخراج وبطولة ابنه !
قبل أن يتمادى في تقاذف الشتائم تملّك الابن أعصابه وترك المجال لأبيه
لإدارة الموقف حتى يتفرغ هو لـ فهم هذا الدرس ، فتعامل - الأب كعادته -
بحكمةٍ مع الحدث , وطلب من ولده أن ينتبه للجواب هذه المرة وصاح في الوادي " إني أحترمك "
فجاء الصوت بنفس نغمة الوقار " إني أحترمك "
عجب الابن من تغيّر لهجة المجيب !
ولكن الأب أكمل المساجلة قائلاً : " كم أنت رائع " فجاء الرد على تلك العبارة الراقية
بقول الصوت " كم أنت رائع "
ذُهل الطفل مما سمِع ولكن لم يفهم سر التحول في الجواب ولذا
صمت بعمق لينتظر تفسيراً من أبيه فعلّق الوالد الحكيم
على الواقعة بهذه الحكمة [ بُنيّ : نحن نسمي هذه الظاهرة الطبيعية في عالم الفيزياء " صدى "
لكنها في الواقع هي الحياة بعينها , إنّ الحياة لا تُعطيك إلاّ بقدر ما تعطيها
ولا تحترمُك إلاّ بمقدار ما تحترم نفسك منها , وتذكّـر أنك تحصدُ ما تزرعه ]



~


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق